Skip to playerSkip to main contentSkip to footer
  • 7/5/2025
علم اجتماع

Category

📚
Learning
Transcript
00:00الفصل السادس في العلوم وأصنافها والتعليم وطرقه وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفي مقدمات ولواحق الفكر الإنساني الذي تميز به البشر عن الحيوانات
00:16واهتدى به لتحصيل معاشه والتعاون عليه بأبناء جنسه والنظر في معبوده وما جاءت به الرسل من عنده
00:27فصار جميع الحيوانات في طاعته وفضله به على كثير خلقه
00:33فصل في الفكر الإنساني اعلم أن الله سبحانه وتعالى ميز البشر عن سائر الحيوانات بالفكر الذي جعله مبدأ كماله ونهاية فضله عن الكائنات وشرفه
00:50وذلك أن الإدراك وهو شعور المدرك في ذاته مما هو خارج عن ذاته هو خاص بالحيوان فقط
01:00من بين سائر الكائنات والموجودات فالحيوانات تشعر بما هو خارج عن ذاتها بما ركب الله فيها من الحواس الظاهرة
01:13السمع والبصر والشم والذوق واللمس ويزيد الإنسان من بينها أنه يدرك الخارج عن ذاته الفكر الذي وراء حسه وذلك بقوى جعلت في بطون دماغه
01:28ينتزع بها صور المحسوسات ويجول بذهنه فيها فيجرد منها صورا أخرى
01:35والفكر هو التصرف في تلك الصور وراء الحس وجولان الذهن فيها بالانتزاع والتركيب
01:46وهو معنى الأفئدة في قوله تعالى
01:50وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة
01:55والأفئدة جمع فؤاد وهو هنا الفكر وهو على مراتب
02:01الأولى تعقل الأمور المرتبة في الخارج ترتيبا طبيعيا أو وضعيا ليقصد إيقاعها بقدرته
02:12وهذا الفكر أكثره تصورات وهو العقل التمييزي الذي يحصل منافعه ومعاشه ويدفع مضاره
02:23الثانية الفكر الذي يفيد الآراء والآداب في معاملة أبناء جنسه وسياستهم
02:32وأكثرها تصديقات تحصل بالتجربة شيئا فشيئا إلى أن تتم الفائدة منها
02:41وهذا هو المسمى بالعقل التجريبي
02:44الثالثة الفكر الذي يفيد العلم أو الظن بمطلوب وراء الحس لا يتعلق به عمل
02:55فهذا هو العقل النظري وهو تصورات وتصديقات تنتظم انتظاما خاصا على شروط خاصة
03:05فتفيد معلوما آخر من جنسها في التصور أو التصديق
03:11ثم ينتظم مع غيره فيفيد معلوما آخر من جنسها في التصور أو التصديق
03:18ثم ينتظم مع غيره فيفيد علوما آخر كذلك
03:24وغاية إفادته تصور الوجود على ما هو عليه بأجناسه وفصوله وأسبابه وعلله
03:33فيكمل الفرد بذلك في حقيقته ويصير عقلا محضا ونفسا مدركة وهو معنى الحقيقة الإنسانية
03:47في أن عالم الحوادث الفعلية إنما يتم بالفكر
03:52اعلم أن عالم الكائنات يجتمل على ذوات محضة كالعناصر وآثارها والمكونات الثلاثة عنها
04:01التي هي المعدن والنبات والحيوان
04:04وهذه كلها متعلقات القدرة الإلهية
04:11وعلى أفعال صادرة عن الحيوانات واقعة بمقصودها متعلقة بالقدرة التي جعل الله لها عليها
04:20فمنها منظم مرتب وهي الأفعال البشرية ومنها غير منظم ولا مرتب وهي أفعال الحيوانات غير البشر
04:31وذلك الفكر يدرك الترتيب بين الحوادث بالطبع أو بالوضع
04:37فإذا قصد إيجاد شيء من الأشياء فلأجل الترتيب بين الحوادث لا بد من التفطن بسببه أو علته أو شرطه
04:48وهي على الجملة مبادئه
04:51إذ لا يوجد إلا ثانيا عنها ولا يمكن إيقاع المتقدم متأخرا
04:57ولا المتأخرة متقدمة
05:00ولا المتأخر متقدمة
05:03وذلك المبدأ قد يكون له مبدأ آخر
05:07من تلك المبادئ لا يوجد إلا متأخرا عنها
05:12وقد يرتقي ذلك أو ينتهي
05:15فإذا انتهى إلى آخر المبادئ في مرتبتين أو ثلاث
05:19أو أزيدا وشرع في العمل الذي يوجد به ذلك
05:24الشيء بدأ بالمبدأ الأخير الذي انتهى إليه الفكر
05:28فكان أول عمله
05:31ثم تابعوا ما بعده إلى آخر المسببات التي كانت أول فكرته
05:38مثلا لو فكر في إيجاد السقف يكنه
05:43انتقل بذهنه إلى الحائط الذي يدعمه
05:47ثم إلى الأساس الذي يقف عليه الحائط
05:51فهو آخر الفكر
05:53ثم يبدأ في العمل بالأساس ثم بالحائط ثم بالسقف
05:58وهو آخر العمل
06:00وهذا معنى قولهم
06:02أول العمل آخر الفكرة
06:05وأول الفكرة آخر العمل
06:08فلا يتم فعل الإنسان في الخارج إلا بالفكر في هذه المرتبات
06:14لتوقف بعضها على بعضه
06:16ثم يشرع في فعلها
06:19وأول هذه الفكرة
06:21هو المسبب الأخير
06:23وهو آخرها في العمل
06:25وأولها في العمل هو المسبب الأول
06:28وهو آخرها في الفكر
06:30ولأجل العثور على هذا الترتيب
06:33يحصل الانتظام في الأفعال البشرية
06:37وأما الأفعال الحيوانية لغير البشر فليس فيها انتظام لعدم الفكر الذي يأثر به الفاعل على الترتيب فيما يفعل
06:47إذ الحيوانات إنما تدرك بالحواس ومدركاتها متفرقة خلية من الربط
06:54لأنه لا يكون إلا بالفكر
06:57ولما كانت الحواس المعتبرة في عالم الكائنات هي المنتظمة
07:02وغير المنتظمة إنما هي تبع لها اندرجة حينئذ أفعال الحيوانات فيها
07:12فكانت مسخرة للبشر واستولت أفعال البشر على عالم الحوادث بما فيه
07:20فكان كله في طاعته وتسخيره
07:23وهذا معنى الاستخلاف المشار إليه في قوله تعالى
07:28إني جاعل في الأرض خليفة
07:32فهذا الفكر هو الخاصة البشرية التي تميز بها البشر عن غيره من الحيوان
07:42وعلى قدر حصول الأسباب والمسببات في الفكر
07:46مرتبة تكون إنسانيته
07:51فمن الناس من تتوالى له السببية في مرتبتين أو ثلاث
07:56ومنهم من لا يتجاوزها ومنهم من ينتهي إلى خمس أو ست
08:01فتكون إنسانيته أعلى
08:04واعتبر ذلك بلاعب الشطرنج فإن في اللاعبين من يتصور الثلاثة حركات
08:12والخمس الذي ترتيبها وضعي
08:16ومنهم من يقصر عن ذلك لقصور ذهنه
08:20وإن كان هذا المثال غير مطابق لأن لعب الشطرنج بالملكة
08:30ومعرفة الأسباب والمسببات بالطبع
08:34لكنه مثال يحتدي به الناظر في تعقل ما يورد عليه من القواعد
08:42والله خلق الإنسان وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا

Recommended