Skip to playerSkip to main content
  • 4 months ago
علم اجتماع

Category

📚
Learning
Transcript
00:00في أن العلوم الآلية لا توسع فيها الأنظار ولا تفرع المسائل
00:06اعلم أن العلوم المتعارفة بين أهل العمران على صنفين
00:11علوم مقصودة بالذات كالشرعيات من التفسير والحديث والفقه وعلم الكلام
00:17وكالطبيعيات والإلهيات من الفلسفة
00:21وعلوم هي آلية وسيلة لهذه العلوم كالعربية والحساب وغيرهما للشرعيات
00:28وكالمنطق للفلسفة وربما كان آلة لعلم الكلام والأصول الفقه على طريق المتأخرين
00:37فأما العلوم التي هي مقاصد فلا حرج في توسعة الكلام فيها
00:43وتفريع المسائل واستكشاف الأدلة والأنظار
00:50فإن ذلك يزيد طالبها تمكن في ملكته وإضاحا لمعانيها المقصودة
00:58وأما العلوم التي هي آلة لغيرها مثل العربية والمنطق
01:03وأمثالها فلا ينبغي أن ينظر فيها إلا من حيث هي آلة لذلك الغير فقط
01:11ولا يوسع فيها الكلام ولا تفرع المسائل
01:16لأن ذا كان مخرج لها عن المقصود
01:19إذ المقصود منها ما هي آلة له لا غير
01:23فكلما خرجت عن ذلك خرجت عن المقصود
01:29وصار الاشتغال بها لغوا مع ما فيه من صعوبة الحصول على ملكتها بطولها وكثرة فروعها
01:38وربما يكون ذلك عائقا عن تحصيل العلوم المقصودة بالذات لطول وسائلها
01:45مع أن شأنها أهم والعمر يقصر عن تحصيل الجميع على هذه الصورة
01:53فيكون الاشتغال بهذه العلوم الآلية تضييعا للعمر وشغلا بما لا يعني
02:00وهذا كما فعل المتأخرون في صناعة النحو وصناعة المنطق وأصول الفقه
02:07لأنهم أوسعوا دائرة الكلام فيها وأكثر من التفاريع والاستدلالات
02:14بما أخرجها من كونها آلة وصيرها من المقاصد
02:19وربما يقع فيها أنظار لا حاجة بها في العلوم المقصودة فهي من نوع اللغو
02:27وهي أيضا مضرة بالمتعلمين على الإطلاق
02:31لأن المتعلمين اهتمامهم بالعلوم المقصودة أكثر من اهتمامهم بوسائلها
02:39فإذا قطعوا العمر في تحصيل الوسائل فمتى يظفرون بالمقاصد
02:45فلهذا يجب على المعلمين لهذه العلوم الآلية أن لا يستبحروا في شانها
02:51وينبه المتعلم على الغرض منها
02:55ويبقوا به عنده
02:58فمن نزعت به همته بعد ذلك إلى شيء من التوغل
03:03فليرق له ما شاء من المراقي صعبا أو سهلا
03:10وكل ميسر لما خلق له
03:13في تعليم البلدان واختلاف مذاهب الأمصار الإسلامية في طرقه
03:19اعلم أن تعليم البلدان للقرآن شعار من شعائر الدين أخذ به أهل الملة
03:27ودرجوا عليه في جميع أمصارهم لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده من آيات القرآن
03:36وبعض متون الأحاديث
03:38وصار القرآن أصل التعليم الذي ينبني عليه ما يحصل بعد من الملكات
03:45وسبب ذلك أن تعليم الصغر أشد رسوخا وهو أصل لما بعده
03:52لأن السابق الأول للقلوب كالأساس للملكات وعلى حسب الأساس وأساليبه يكون حال ما ينبني عليه
04:02واختلف الطرقهم في تعليم القرآن للبلدان باختلافهم باعتبار ما ينشأ عن ذلك التعليم من الملكات
04:10فأما أهل المغرب فمذهبهم في البلدان لاقتصار على تعليم القرآن فقط
04:17وأخذهم أثناء المدارسة بالرسم ومسائله واختلاف حملة القرآن فيه
04:23لا يخلطون ذلك بسواه في شيء من مجالس تعليمهم
04:27لا من حديث ولا من فقه ولا من شعر ولا من كلام العرب
04:32إلى أن يحذق فيه أو ينقطع دونه
04:36فيكون انقطاعه في الغالب انقطاعا عن العلم بالجملة
04:41وأما أهل الاندلس فمذهبهم تعليم القرآن والكتاب من حيثه
04:47وهذا هو الذي يراعونه في التعليم
04:51إلا أنه لما كان القرآن أصل ذلك وأسسه ومنبع الدين والعلوم
05:00جعلوه أصلا في التعليم فلا يقتصرون لذلك عليه فقط
05:05بل يخلطون في تعليمهم للولدان رواية الشعر في الغالب والتراسل
05:11وأخذهم بقوانين العربية وحفظها وتجويد الخط والكتاب
05:17ولا تختص عنايتهم في التعليم بالقرآن دون هذه
05:21بل عنايتهم فيه بالخط أكثر من جميعها
05:26إلى أن يخرج الولد من عمر البلوغ إلى الشبيبة
05:30وقد شد بعض الشيء في العربية والشعر والبصر بهما
05:36وبرز في الخط والكتاب وتعلق بأذيال العلم على الجملة
05:42وأما أهل إفريقية فيخلطون في تعليمهم للولدان القرآن بالحديث في الغالب
05:50ومدارسة قوانين العلوم وتلقين بعض مسائلها
05:57إلا أن عنايتهم بالقرآن واستظهار الولدان إياه
06:02وبقوفهم على اختلاف رواياته وقراءاته أكثر مما سواه
06:08وعنايتهم بالخط تبع لذلك
06:12وبالجملة فطريقهم في تعليم القرآن أقرب إلى طريقة أهل لندلس
06:18وأما أهل المشرق فيخلطون في التعليم كذلك على ما يبلغنا
06:24ولا أدر بما عنايتهم منها
06:27والذي ينقل لنا أن عنايتهم بدراسة القرآن وصحف العلم
06:33وقوانينه في زمن الشبيبة ولا يخلطون بتعليم الخط
06:37بل لتعليم الخط عندهم قانون ومعلمون له على انفراده
06:43فأما أهل إثريقية والمغرب فأفادهم الاقتصار على القرآن القصور عن ملكة اللسان جملة
06:52وذلك أن القرآن لا ينشأ عنه في الغالب ملكة
06:57لما أن البشر مصروفون عن الاتيان بمثله
07:01فهم مصروفون لذلك عن الاستعمال على أساليبه والاحتذاء بها
07:07وليس لهم ملكة في غير أساليبه
07:10فلا يحصل لصاحبه ملكة في اللسان العربي
07:15وحظه الجمود في العبارات وقلة التصرف في الكلام
07:21وأما أهل الاندلس فأفادهم التفنن في التعليم
07:27وكثرة رواية الشعر والترسل
07:30ومدارسة العربية من أول العمر حصول ملكة صاروا بها أعرف في اللسان العربي
07:38وقصروا في سائر العلوم لبعدهم عن مدارسة القرآن والحديث
07:44الذي هو أصل العلوم وأساسها
07:47فكانوا لذلك أهل خط وأدب بارع
07:51أو مقصر على حسب ما يكون التعليم الثاني من بعد تعليم الصبا
07:57ولقد ذهب القاضي أبو بكر بن العربي
08:02في كتاب رحلته إلى طريقة غريبة في وجه التعليم
08:07وأعاد في ذلك وأبدأ وقدم تعليم العربية والشعر على سائر العلوم
08:13كما هو مذهب أهل الاندلس
08:16قال لأن الشعر ديوان العرب
08:20ويدعو إلى تقديمه وتعليم العربية في التعليم ضرورة فساد اللغة
08:27ثم ينتقل منه إلى الحساب فيتمرن فيه حتى يرى القوانين
08:32ثم ينتقل إلى درس القرآن فإنه يتيسر عليه بهذه المقدمة
08:38ثم قال ويا غفلة أهل بلادنا في أن يؤخذ الصبي بكتاب الله في أول أمره
08:47يقرأ ما لا يفهم وينصب في أمر غيره أهم عليه
08:55ثم قال ينظر في أصول الدين ثم أصول الفقه ثم الجدل ثم الحديث وعلومه
09:03ونهى مع ذلك أن يخلط في التعليم علمان إلا أن يكون المتعلم قابلا بذلك بجودة الفهم والنشاط
09:15هذا ما أشار إليه القاضي أبو بكر رحمه الله
09:20وهو لعمري مذهب حسن إلا أن العوائد لا تساعد عليه
09:26وهي أملك بالأحوال ووجه مختصة به العوائد من تقدم دراسة القرآن إيثارا للتبرك والثواب
09:36وخشية ما يعرض للولد في جنون الصبى من الآفات والقواطع عن العلم
09:43فيفوته القرآن لأنه مدام في الحجر منقاد للحكم
09:48فإذا تجاوز البلوغ وانحل من ربقة القهر فربما عصفت به رياح الشبيبة
09:55فألقته بساحل البطالة فيغتنمون في زمان الحجر وربقة الحكم
10:02تحصيل القرآن لألا يذهب خلوا منه
10:06ولو حصل اليقين باستمراره في طلب العلم وقبوله التعليم
10:12لكان هذا المذهب الذي ذكره القاضي أولى مما أخذ به أهل المغرب والمشرق
10:20ولكن الله يحكم ما يشاء لا معقب لحكمه سبحانه
Be the first to comment
Add your comment

Recommended