لطالما كانت أوروبا في صلب القرار العالمي، لكن المشهد تغيّر. اليوم، القارة تبدو وكأنها تمر بأسوأ مراحلها، أمام عالم يتسابق على النفوذ الجيوسياسي والاقتصادي. رغم أن اقتصاد الاتحاد الأوروبي يُقدَّر بنحو 17 تريليون دولار، إلا أن نفوذه السياسي بات محدوداً. في كبرى الملفات الدولية، من الحرب في أوكرانيا إلى الأزمات في الشرق الأوسط، يبدو الصوت الأوروبي خافتاً. فأوروبا لم تستطع دعم كييف بالسلاح الكافي دون تدخل أميركي، كما أن دورها في قضايا الشرق الأوسط يظل هامشياً، رغم أن تدفّقات اللاجئين تنتهي عند أبوابها. الاتفاق التجاري الأخير مع الولايات المتحدة كشف عن مدى هشاشة الموقف الأوروبي. ورغم أن أميركا تُعدّ الشريك الاقتصادي الأكبر لأوروبا، فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعريفات جمركية بنسبة 15% على السلع الأوروبية، في حين دخلت الصادرات الأميركية إلى أوروبا دون أي رسوم. الاتحاد الأوروبي وافق أيضاً على خطة إنفاق تُقدّر بـ750 مليار دولار على مشتريات استراتيجية من الولايات المتحدة، شملت الطاقة والرقائق الإلكترونية، إلى جانب اتفاق إضافي بقيمة 600 مليار دولار تضمّن استثمارات أوروبية في أميركا وشراء معدات عسكرية منها. صحيح أن الاتفاق وُصف بأنه «تاريخي» لكن في مضمونه يبدو أقرب إلى تنازل أوروبي كبير.
Be the first to comment