Bertrand Russell 1952

  • 2 years ago
بماذا يُعلمنا راسل؟،

واحدة من القَواعد التي وضَعها الفيلسوف ديكارت، هيّ قاعدة الإحصاء ضمنَ حديثهِ عن حُب الرياضيات والفلسَفة والهَندسة بما تـسمى "قواعدَ هداية العَقل"، وكما أُرجح أنَ ديكارت قد فُصِلَ من شغفهِ بعدما حاولَت مدرسة "لافلاش" أن تَدُسَ له العِلمَ بضد الإبتكار، تُشبه إلى حدٍ ما "القسَم الطبي لأبقراط"، وهو قسَم بكُل الآلهة والأعراق والأجناس أن يقومَ الطبيب بفصل ذاتهِ وهوسهُ عن حالة المَريض، فيكونُ بذلك القَسَم قد وضعَ شرطاً لأمانته، وبعكس ذلكَ يكونُ طبيباً قاتلاً أو معتوهاً،

أُسس أو ركائز المنهَج الديكارتي:

أولاً: ألا أقبل أي شيءٍ قط إذا لم يكُن لدي معرفة قطعية بحقيقتهِ، أي أن أحرُص كل الحرص على تفادي التسرُع في إستنباط النتائج وتفادي المفاهيم المُسبقة، وألا أضمن أحكامي على الأشياء أكثر مما يعرض على عقلي بوضوح وتمايز شديدين بما لا يدع مجالاً للشَك،

ثانيا : أن أُقسم كلاً من الصعوبات التي أمحص فيها إلى أكبر عدد ممكن من الأجزاء حسبما يستدعي الأمر لحلها بصورةْ أفضل،

ثالثا : أن أوجهَ أفكاري بطريقة منظمة، بالبدء بالأشياء الأبسَط والأسهل في معرفتها كي أرتقي شيئاً فشيئاً إلى معرفة الأكثر تعقيداً على الإطلاق، وبإفتراض وجود ترتيبٍ ما حتى بين الأشياء التي ليس لها ترتيب طبيعي بحَسب أسبقيتها، وأخيراً: أن أحرص طوال الوقت على أن يكون ما أوردهُ كاملاً، ومراجعاتي وافية جداً لدرجة تجعلني متأكداً من عدم إغفال أي شيء مهما كان،


قَد يتشابه منهج الشَك الديكارتي الذي في نصيحته الأولى للشَك يقول "لتُقَدِموا أسهبَ الأمثلة قوةً لأن العقل بحاجة إلى الجِدية حتى يَصل إلى العقل السليم"، هو الذي يجمعُ ما بينَ الواقع الرياضي التَحليلي، وبينَ تحليلية راسل، فالأول نقَلنا من دماثة العِلم الجافة أو المنهجية إلى مُتعة عقلية مُشوِقة، أما الثاني تمَيز بالدقة والوضوح والحديث الطَويل عن التجارُب الشخصية، فديكارت قدمَ، كما يُعرَف بتقديمهِ، وجهان يُحاول أن يُلائمَ بينهما "الأول" الوَجه النظري، والذي يحوي الماهية والحقيقة والإدراك، و"الثاني" يحوي حُبَ الناس لطبائعهم وتصرفاتهم في الواقع، إنَ الحواس تخدعُنا هكذا قال، بهذا يُريد أن يُعطي صورةً موحدة لتلكَ الوجهَتين، فديكارت أرادَ كسرَ الأقفال الربانية والأبواب الدينية حتى يفتحها للإنسان، الذي ليسَ إنساناً بحسب قوله إلا إذا تعلمَ ذلكَ عن طريق المَعرفة، لكَنني لا أفوقُ العامة حتى لو كُنت فيلسوفاً،

لنهبِط إلى مركَب راسل،

شخصية تَتَحدر من عائلةٍ مُؤسسة للدستور، ولَم يتَعرف على والدتهِ إلا من خِلال الكتابة، كانَ يذكُرها راسل "هذا ما يُحير"، أن العقل رُبما يكونُ كائناً غريباً، وهو ليسَ كائن كما تعلمون، يذكُر أنه يشعُر بها، فقَد كانَت حيوية المنظَر، مُتَصيِّرة القامة وذات شخصية مؤثرة، أما والدهُ كانَ "رواقياً" في طباعهِ وصاحب مؤلَف ضخم معروف بعنوان "تحليل العقيدة الدينية"،

نُقاط لَخصتها عن قصد فلسفتهِ، هي قراءة شخصية قد تجدون غير ما وجدتهُ مؤكَداً:

1- إذا إشتَد الإعياءُ النفسي في الإنسان، فيعودُ ذلكَ إلى أهم الأسباب، الشعور بنفاذ وجوده الخاص، لأنَ الوجود العام للبَشر من حولهِ، قد أُصيبَ بتُخمٍ من الآراء غير النافِعة، التي رُبما تكونَت من مآلات الصَحافة وأقنِعة التَلفزة المُريبة، لرُبما نصيحتي تكونُ لهُ "بسبب إختلاف العوالم والمحيطات التقنية"، ليعتَزِل بعض الأسابيع عن ضَجة التحسُبات الفارغة،