رجال في الذاكرة الشيخ محمد الغزالي فيلم وثائقي ج1
  • il y a 12 ans
إلى أمير الدعوة الإسلامية ـالشيخ محمد الغزالي ـ في ذكراه... بقلم : نجيب بن خيرة
في التاسع عشر من شهر شوال سنة 1416 هـ الموافق لـ التاسع من شهر مارس سنة 1996م سكن لسان، وجف قلم ، وانقطع وحي ، وفاضت روح الشيخ الغزالي إلى بارئها.لم يتعب الموت في أن يفك عن روحه قيد الجسد لأن الجسد كان ممزقا من طول ما أنهكه صاحبه من نضال مُرْ ، وجهاد مضن، وفداء بكل غال ونفيس .....
فقدت أمة الإسلام علما من أعلامها المبرزين وعالما من علمائها الناصحين...طالما أسدى لأمته النصح ، ورفع اللواء خافقا ليهدي الحائر ،ويرد الشارد، ويحمل المتنكب عن الصراط إلى سنة الإسلام الواضحة ،ومحجته البينة...
في ذكراه الرابعة...أكتب إليه هذه السطور وهو في الملأ الأعلى ، و أ تحدث إليه حديثا يطربني ولاشك أنه يطربه ...عربون وفاء ومحبة ووعد بالتزام الطريق الذي خطه، وحفظ الصرح الذي اختطه... !
سيدي الأمير :لست في هذه الكلمات أرثيك فقد مضى زمن الرثاء، ...ولست أستمطر الغيث لقبرك فقبرك في طيبة مثواه ..مع مصابنا الجلل لفقدك، وألم الحسرة من هول الفجيعة فيك ...ولست في هذا المقام أعدد محاسنك وأتكلم عن راحل حياتك، فكل ذلك ذائع شائع ومتاح ....ولكنها مشاعر حرى ـ يعلم الله ـ أنها صادقة أقر بالعجز عن صوغها ألفاظا مقروءة ،أو أضعها في قوالب جامدة ضيقة وهي في نفسي أشد انطلاقا من النور، وأوسع من الزمان....!
قلت في نفسي . : كيف تمر ذكراك الغالية دون أن نقف وقفة نراجع فيها أنفسنا.. هل وفينا بالوعد ..؟ هل أحسنا الإقتداء ..؟هل تابعنا المسيرة ..؟
سيدي الأمير . : أخشى أن لا أوفيك حقّك، وأن لا أحسن الكلام إليك ..فقد قيل : “رجلان يُربِكان الكاتب إذا حاول أن يكتب عنهما ...رجل لا يستطيع أن يجد ما يقوله فيه ،ورجل لا يستطيع أن يختصر ما يعرفه عنه”. وما أنا منك إلا كما قال الشاعر :
كالبحر يمطره السحاب وماله فضل عليه لأنه من مائه
إنا لفراقك ـــ يا أمير الدعوة ـــ كالنبتة الغضة نضب عنها الماء الغدير ،و أخطأها النّوء المطير، أو كالفراخ الزاغبة التي هجرها المـُعيل وتركها عُرضة لكل فاتك غدّار ..... . كيف لا ؟و العلماء هم المعاقل المنيعة عندما تحل بالأمة النّوائب ،وأعلامها المضيئة عندما تشتبه عليها المسالك ....ومراجعها إذا نابها خطبٌ ،أو حزّ بها كرْب...
لازلت ـ يا سيدي ـ أذكر كيف لبّيت دعوة الجهاد في هذا البلد {الجزائر } وقبلت أن تقف على ثغرة من ثغور دار الإسلام وقدمت لترفع القواعد من ــ جامعة الأمير عبد ا لقادر ـ فكنت أميراٍ خلفا لخير أمير...!‎‎ .جئت رغم تقدُّم سنّك ..ُتناوشك الأدواء والعلل لتقعد بك،وتصرفك عن جهادك ،ولكن قلبك العامر بالله، ونفسك الرّضيّة بِقضائه حوّلتك إلى شهاب راصد ينطلق بشعاعات الوحي الأعلى فينير الدّرب، ويسطع في الأُفق ..!
إننا نُخطئ عندما نتصورك إماما خطيبا يتحدث عن الاسلام فحسب ..! فذاك جهد يقوم به جمع غفير ممن ينتسبون لهذا الدين، ويتكلمون باسمه ..ولكنك إمام مدرسة، وصاحب رسالة ..! اختارتك الأقدار لتنشأ في بلد عمر الحضارة فيه كعمر الإنسان على كوكب الأرض ...!حباه الله بكل أسباب القوة و المنعة والمعرفة لينضح على طول الدهر على من حوله من أهل القرى بكل ما من شأنه أن يمكن للإنسان سبب الاجتماع والتّحضر والإبداع .....!
Recommandée