00:00موسيقى
00:30موسيقى
01:00كان آخر يوم دراسي لي في الثانوية
01:09قبل أن تبدأ الأيام التحطيرية للاختبارات
01:13فقرر زملائي جميعهم أن يهربوا من آخر حصتين دراسيتين
01:20فلما أجمع أمرهم طاوعتهم وأثناء هروبنا لاحق بنا مدير المدرسة
01:29ولم أجد نفسي وإياه إلا وجها لوجه
01:34فتسمر في مكانه لشدة ذهوله ودهشته
01:39وهو يردد حتى أنت لم أفهم تصرفي ذلك اليوم
01:46ولم أدرك كم تعني كلمة حتى أنت من معان عميقة
01:53إلا بعد ربع قرن من الزمان
01:58وما زلت أذكر جلياً تلك المشاعر والعواطف الجياشة
02:06والحماسة لفريقي المفضل لكرة القدم
02:10عندما كنت في مقتبل عمري
02:13كيف كنا نتجمع ونتحزب لفريقنا الذي نشجعه
02:19وقد تأخذنا الحماسة في الدفاع عن فريقنا
02:22لمهاجمة مشجع الفرق الأخرى
02:26بل وقد يؤدي ذلك في بعض الحالات إلى شجار وعراق
02:32وقد لاحظت آنذاك أن سلوك الشخص الفردي يختلف تماماً
02:41عن سلوكه عندما يصبح جزءاً من المجموعة
02:44وكان عقله الفردي استبدل بعقل آخر جمعي
02:51فيقدم الواحد منهم على تصرفات جريئة بل وعدوانية
02:57ليست من طبيعة الشخص وسلوكه الفردي عندما يكون واحداً
03:04لم أدرك آنذاك أن الذي كنت أعايشه
03:09هو أحد التجسيدات العملية للأناء الجماعية
03:15إنها الإسقاط البشري لظاهرة التجمع والتكتل
03:20عند الحيوانات والطيور والأسماك
03:23كوسيلة لتحقيق الحماية والأمان
03:26بل لم أدرك مدى خطورة الأناء الجماعية
03:32إلا بعدما بدأت رحلتي مع الثات
03:35وتعمقت في مفهوم الأناء
03:38ووجدت أن الأناء الجماعية
03:46تحمل نفس الصفات التي تحملها الأناء الفردية
03:54فيتبحث دائماً عن نزاع وصراع وتسعى لصنع أعداء
04:01وتحتاج أن تكون دائماً على صواب
04:04وتتعقب في الآخرين الأخطاء
04:08وبذلك فإنها عاجلاً أم آجلاً
04:13ستدخل في صراع مع الأناء الجماعية
04:16في جماعة أخرى
04:19بل إن الأناء الجماعية
04:21أشد وأعمق في لاوعيها
04:24من الأناء الفردية
04:26وهذا يفسر ما قد ترتكبه الحشود
04:29بن جرائم وفضائع
04:31لا يرتكبها معظم أفراد هذه الحشود
04:35على المستوى الفردي
04:37عندما يكونون خارج المجموعة
04:40أي خارج العقل الجمعي للأناء الجماعية
04:46بدأت أجد تفسيراً لجنون الأناء الجماعية
04:55في مظهرها الجماعي
04:57نحن ضدهم
05:00فالأناء الجماعية
05:03تزعم أنها تملك دائماً
05:06جادة الصواب
05:08فترى ما تريد رؤيته
05:11فيسهل عليها الإدانة والتجريم للآخر
05:15وتضخيم قبحه وضلاله
05:18إذا الحد الذي يسدب الآخر من إنسانيته
05:22لا يعد هناك عامل إنساني مشترق معه
05:26يفعل الإنسان بأخيه الإنسان ما يفعل
05:30من تطهير أرقي
05:32ومذابح جماعية
05:34وحروب تديرية وحشية
05:37ومن عنف واسع الانتشار
05:40وتعذيب وعبودية
05:43أين يذهب العقل والضمير الفردي
05:50عندما تقدم الأنا الجماعية بعقلها الجمعي
05:55على الجرائم ضد الإنسانية
05:58ملايين قتلوا على يد هتلر والنازية
06:04عشرون مليون قتلوا في روسيا
06:07على يد ستالين
06:09بذريعة عدائهم للطبقة العاملة
06:12إبادة لربع سكار كامبوديا
06:17البوسنة والهرسك
06:19وغيرها كثير وكثير
06:22والأمثلة من واقعنا الآن
06:25لا تقل ضراوة وإجرام
06:28ويكفينا ما تبثه لنا الأخبار اليومية
06:33على الشاشات التلفزيونية
06:35قادني بحثي إلى نظرية سلوك القطيع
06:44في المجتمعات البشرية
06:46وهو مصطلح يطلق على سلوك الأشخاص في الجماعة
06:51عندما يقومون بالتصرف بسلوك الجماعة
06:55التي ينتمون لها
06:56دون كثير من التفكير أو التخطيط
07:01وأول من أطلق عليه هذا الاسم
07:04نظرية القطيع أو سلوك القطيع
07:08وصاغه كنظرية فلسفية علمية
07:11هو عالم الأحياء
07:13هاملتون
07:15عام 1973
07:19فقد ذكر هاملتون في مقالته
07:22هندسة القطيع الأناني
07:25أن كل عضو في مجموعة ما
07:28كما في قطيع الحيوانات
07:30يخدم نفسه بالدرية الأولى
07:35حيث يقلل الخطر عن نفسه
07:38بالدخول في الجماعة
07:39والتخلق بأخلاقهم
07:41والامتثال لسلوكهم
07:43وهكذا
07:45قد يظهر القطيع بمظهر الوحدة
07:48ولكنه في حقيقة الأمر
07:51يخدم مصالح الأفراد أنفسهم
07:55قام باحثون من جامعتي لندن وكيمبريج
08:03بدراسة على ست واربعين من الأغنام
08:07وأوصلوا كل واحدة منها بجهاز تعقب
08:12جي بي أس
08:13لمتابعة حركتها ثانية بثانية
08:18فوجدوا أن الإحساس بالخطر
08:22دفع كل واحدة من الأغنام
08:25أن تنافس وتدافع
08:27لتشق طريقها
08:29نحو وسط ومركز القطيع
08:33بعيداً عن خطر الإفتراس
08:35لمن في أطراف القطيع
08:37وهذا بالطبع قمة الأنانية
08:44وكذلك الحال في الإنسان
08:47فقد وجد أن الأشخاص يقللون من خطر أن يصبحوا ضحية
08:53وذلك بانخراطهم وذوبانهم في مجموعة كبيرة
08:59وكأن لسان حالهم يقول
09:02افتك بأخي الإنسان ولا تفتك به
09:06إنها الأغلبية الصامتة
09:09التي تؤثر السلامة
09:11على الانتصار للحق
09:14والدفاع عن المظلوم
09:16وحماية الغوافات
09:18بل وقد تتطوع في المبالغة بالانخراط
09:23في مركز الفكرة الظالمة الطاغية
09:27والمزايدة في إعلان الولاء لها
09:31طلبا للسلامة والنجاة
09:39وجدت في بحثي أن نظرية القطيع وإن كانت حديثة
09:44إلا أنها متأصلة في الطبيعة البشرية
09:48وجاء الإسلام ليعالجها في الناس
09:52ففي الجاهلية كانت القبيلة تبثل العقل الجمعي
09:57والأنا الجماعية
10:00فيقول أحد شعراء الجاهلية
10:03وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت
10:08وإن ترشد غزية أرشدي
10:11ويقول آخر
10:13ألا لا يجهلن أحد علينا
10:17فنجهل فوق جهل الجاهلين
10:20ونشرب إن وردنا الماء صفوا
10:23ويشرب غيرنا كدرا وطينا
10:29فجاء الإسلام وقرر أن كل نفس بما كسبت رهينة
10:35فالقرآن زاخر بالآيات التي تدل على سلوك القطيع
10:41يقول تعالى
10:42وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
10:47إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنْ
10:50وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ
10:53فدع الإسلام لتحرير العقول
10:57والتعمق في التأمل والبحث والتفكير
11:01والاستقلال بالقرار وترك التبعية
11:05يقول الرسول الكريم
11:07لا يكن أحدكم إن معه
11:10يقول أنا مع الناس
11:13إن أحسن الناس أحسنت
11:15وإن أساء أسأت
11:18ولكن وطنوا أنفسكم
11:21إن أحسن الناس أن تحسنوا
11:24وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم
11:29تعمقت أكثر في كتاب الله
11:32ووجدت صورا كثيرة تجسد تحرر العقل
11:37واستقلالية القرار في مواطن عديدة
11:41فقصة مؤمن آل فرعون
11:44والذي سميت صورة كاملة باسمه
11:47صورة الغافر أو المؤمن
11:50وقصة مؤمن آل ياسين
11:53الذي جاء من أقصى المدينة يسعى
11:57ويعلن أنه ليس من قطيع من حارب الأنبياء
12:01فقتلوه
12:03فكان العقاب صيحة أبادتهم جميعا
12:07وقصة فتية أصحاب الكهف وغيرهم كثير
12:12قال الفضيل بن عياط
12:15أسلك طريق الهدى
12:17ولا يضرك قلة السالكين
12:21وإياك وطرق الضلالة
12:24ولا يضرك كثرة الهالكين
12:27قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود
12:32الجماعة ما وافق الحق
12:36ولو كنت وحدك
12:38فالجماعة ليست بالكثرة
12:41وإنما بموافقة أولي الألباب
12:44للحق والحكمة والصواب
12:48أدركت أن ثقافة القطيع هي ثقافة من لا ثقافة له
12:59والموت مع الجماعة ليس رحمة كما يزعمون
13:04ومقولة حالي من حال الناس
13:07ما هي إلا صورة من صور الجاهلية
13:11أدركت أن سبب تهافت أغلبية الناس
13:18للإنخراط والذوبان في عقلية القطيع
13:22والعقل الجمعي والأن الجماعية
13:25هو للتعايش مع الحياة بكل نقائضها
13:30وطريق لرفع اللوم عن أنفسهم
13:34إنه التجسيد العملي لتغييب الوعي في الإنسان
13:40يسؤل إطلاعه من قبل عقل جمعي لا عقلاني
13:47أقرب لطبيعة الحيوان
13:55تيطقنت أنهم واهمون
14:00فإننا غدا بين يدي الله موقوفون
14:05وعن كل أقوالنا وأفعالنا مسؤولون
14:11وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
14:17ترجمة نانسي قنقر
14:20موسيقى
14:22ترجمة نانسي قنقر
14:25ترجمة نانسي قنقر
14:28ترجمة نانسي قنقر
14:31ترجمة نانسي قنقر
14:33ترجمة نانسي قنقر
14:34ترجمة نانسي قنقر
14:37ترجمة نانسي قنقر
14:40ترجمة نانسي قنقر
14:41ترجمة نانسي قنقر
14:43ترجمة نانسي قنقر
14:45ترجمة نانسي قنقر
14:47ترجمة نانسي قنقر
14:49ترجمة نانسي قنقر
